تعاني المنطقة العربية بشكل عام من عجز مائي تتزايد وتيرته عاماً بعد عام، الأمر الذي يعود لعدة أسباب أهمها ندرة الموارد المائية التقليدية المتوفرة وتزايد الطلب على المياه نتيجة التضخم السكاني والتوسع الحضري والزراعي، بالاضافة الى التغير المناخي وازدياد موجات الجفاف المتكررة، ناهيك عن التحديات الأخرى المتمثلة في التلوث، وهدر الموارد المائية دون عوائد مالية الناجم عن نُظُم المياه المتقادمة، والاستخدام غير الكفؤ للمياه. واليوم أصبحت تحديات المياه تهدد حاضر ومستقبل الشعوب العربية.
وتبقى الأطماع الاسرائيلية في المياه العربية من أكبر هذه التحديات، إذ أنّ اهتمام الاحتلال بمياه الشرق الأوسط ليس حديثا، بل إنه بدأ قبل قيام دولة إسرائيل، حيث أدرك قادة الحركة الصهيونية منذ البداية أهمية السيطرة على موارد مائية كافية كضرورة لقيام دولة إسرائيل، لذا رسموا دوما تصورات لإسرائيل "كبرى" تسيطر على موارد مياه عديدة بالمنطقة، وبهذا رسمت الموارد المائية حدود دولة إسرائيل من "النيل إلى الفرات"، فالحدود بالنسبة لهم كانت ومازالت ليست مسألة سياسية فحسب بل هي قضية موارد مائية جغرافية توفر لدولة إسرائيل أمناً مائياً وغذائياً. وبعد النكبة بدأت اسرائيل مساعيها للسيطرة على مصادر المياه في أراضي فلسطين 48 ثم في فلسطين 67 وفي الأراضي المحتلة بالجولان. وكانت الإستراتيجية الإسرائيلية تقوم دوما على بناء المستوطنات بالقرب من مصادر المياه الهامة أو فوق خزانات المياه الجوفية اضافة الى تحويل مياه الأنهار من خلال السدود والمشاريع، و معارضة إقامة مشاريع وطنية عربية على الأنهار - كنهر الوزاني في لبنان.
ومع تفاقم قضايا المياه العابرة للحدود وقضايا المياه المشتركة في العقد الأخير في المنطقة العربية، جراء الواقع الجيوسياسي العربي، حيث تقع منابع أكثر من 60% من الموارد المائية التي تعتمد عليها الدول العربية خارج أراضيها، مما يجعلها خاضعة لسيطرة دول غير عربية، بالتوازي مع أطماع الاحتلال الاسرائيلي المتواصلة وغير المتناهية في المياه العربية، أصبح هذا الواقع من أكبر المخاطر على الأمن المائي العربي بصفة خاصة وعلى الأمن القومي العربي بصفة عامة. حيث أصبح تحدي توفر المياه يشكل تهديدا لحياة الشعوب العربية القابعة تحت الاحتلال بشكل كبير، وعقبة تحول دون تحقيق تنمية مستدامة، وأصبح الوضع الجيوسياسي في المنطقة هاجساً يستوجب تظافر كافة الجهود العربية لترسيخ العمل العربي المشترك وايجاد مؤسسات منفذة تدعم الجهات صانعة القرار في الدول العربية وفي جامعة الدول العربية، وذلك وفقاً لمبادئ الادارة المتكاملة للموارد المائية، وتوظيف الأطر الدولية للدفاع عن الحقوق المائية العربية، كأساس لتحقيق أهداف التنمية المستدامة، وضمان تحقيق مفهوم الأمن المائي في المنطقة العربية والذي هو الأساس في تحقيق حياة كريمة للشعوب العربية والأساس في تحقيق الأمن الصحي والأمن الغذائي والأمن القومي.
من هنا جاءت رؤية المجلس العربي للمياه لتأسيس شبكة خبراء المياه العربية سعيا إلى تعزيز العمل العربي المشترك لمواجهة هذا التحدي الصعب، وتقديم كل الدعم الممكن للمساهمة الفاعلة في ايجاد حلول مشتركة لقضايا المياه الملحة في المنطقة العربية. وفي هذا الاطار وخلال الفترة الوجيزة من عمر الشبكة، والتي تزامنت مع جائحة كورونا وما شهده العالم من تعطل العمل ، إلا أننا استطعنا القيام بمجموعة من المبادرات التي تخدم أهداف تأسيسها.
وحتى تكون الشبكة قادرة على مواصلة أنشطتها ، فلا بد للدول العربية والمنظمات العربية والأممية شريكة المجلس الوزاري العربي للمياه من تقديم الدعم المالي والفني المطلوب لتنفيذ مهامها، واعطاء الشبكة الصلاحيات اللازمة وتسهيل عملها، ودعم الخطة المنبثقة عنها والاستفادة من الدروس القائمة للدول العربية في هذا المجال. وأن الشبكة اليوم تسعى الى تحقيق شراكة وتكامل حقيقي مع هذه المنظمات،
إن الوضع المائي في المنطقة ليس سهلا، واحيانا لا يمكن توقعه، وخاصة في البلدان التي تقع مواردها في رحمة احتلال تعسفي، لكن يمكن خوض غمار هذه المرحلة بالفعل الحقيقي على الارض وبتبني نشاطات ومنهجيات تؤكد على الالتزام بمعايير العمل الجماعي والتمسك بأواصر الاتحاد والشراكة، المبنية على احترام حقوق الغير لمواجهة انعكاسات الحروب والنزاعات وتضارب المصالح السياسية والاقتصادية، والتي تعرقل العمل المشترك وتحقيق الاستقرار المطلوب. الا اننا ومن ومنطلق الايمان بأن العمل يورث الأمل، ويحقق النجاح فلا يمكن ان يكون هناك عمل الا ان تكون النتيجة هي جني ثمار هذا العمل، لكن يجب ان تكون الجهود منظمة ومتسقة وتتبع منهج وتخطيط مدروسين وليست عشوائية، ولا بد ان تتحول القرارات والاتفاقيات والرؤى الى حقائق واقعة على الارض والى مشاريع تنفذ في الواقع، يجني ثمارها ابناؤنا وشعوبنا التي تعاني على كافة الاصعدة، فلنعمل على الاقل على توفير هذا المورد آمنا لأبنائنا العرب.
إن حساسية الوضع المائي في المنطقة يتطلب تبني نشاطات ومنهجيات تؤكد على الالتزام بمعايير العمل الجماعي والتمسك بأواصر الاتحاد والشراكة، المبنية على احترام حقوق الغير لمواجهة انعكاسات الحروب والنزاعات ، والتي تعرقل العمل المشترك وتحقيق الاستقرار في المنطقة العربية. الا اننا ومن ومنطلق الايمان بأن العمل يورث الأمل، ويحقق النجاح و جني الثمار ، في حال كانت الجهود منظمة ومنسقة وتتبع منهج وتخطيط مدروسين وليست عشوائية، ولا بد ان تتحول القرارات والاتفاقيات والرؤى الى حقائق واقعة على الارض والى مشاريع تنفذ في الواقع، يجني ثمارها ابناؤنا وشعوبنا التي تعاني على كافة الاصعدة، فلنعمل على الاقل على توفير هذا المورد آمنا لأبنائنا العرب.